منهاج التأويل في “فصل” ابن رشد

التأويل عند ابن رشد هو «إخراج دلالة اللفظ من الدّلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أن يخلّ ذلك بعادة لسان العرب في التجوّز من تسمية الشيء بشبيهه أو بسببه أو لاحقه أو مقارنه أو غير ذلك من الأشياء التي عدّدت في تعريف أصناف الكلام المجازي» ، غير أن هذا التعريف لا يمكنه أن يستوعب العملية التأويلية كما وضع منهجها في "فصل المقال"، فهو تعريف شامل يقتضي ـ في البداية ـ العودة به إلى الأصول الأولى للعمل التأويلي بصفته واجبا شرعيا، يختصّ به أصحاب البرهان.

 كتب: محمد كاديك

ولقد رافع ابن رشد في سياق توضيح الاتصال بين الحكمة والشريعة، لصالح الاستفادة من التراث الإنساني مهما كانت مشاربه، فبيّن واجب الاستعانة بالأقدمين حتى وإن كانوا غير مشاركين لنا في الملّة[1]، وضبط هذه المسألة بالنظر فيما قاله القدماء، للقبول به إن كان صوابا، والتنبيه عليه إن خالف الصواب، واضطر  أبو الوليد إلى التفصيل في الموضوع وهو ينحو إلى الأدلّة المنطقية، ويتمثل بالوقائع المعيشة، ليبيّن أن المعرفة تقتضي استفادة المتأخر من المتقدم، فالصنائع ـ علمية كانت أم عملية ـ تحتاج إلى التراكم المعرفي، والإفادة من التجارب الإنسانية، «فإنه ليس من صناعة يقدر أن ينشئها واحد بعينه، فكيف بصناعة الصنائع وهي الحكمة»[2].

ibn-rochdوتحضرنا هنا كلمة شارل نوديي وهو يفتتح أحد كتبه[3] بالاعتراف أن السابقين لم يتركوا شيئا ليقال، ويذهب إلى أنه لا شيء يمكنه أن يكون جديدا إلا من ناحية الشكل.

ويرى نوديي أنه من بين كل الأشكال الممكنة التي تتيحها إعادة القول، لن يكون جديدا إلا القول الأكثر بساطة، وما دام كل ما يقال اليوم، قد سبق قوله بطريقة أخرى أفضل، فليس هناك من سبب لإعادته إلا ضرورة تبسيطه كي يكون أقرب إلى الفهم، وقد يكون هذا متوافقا مع مذهب ابن رشد إلى حدّ بعيد، غير أن القاضي القرطبي لم يتوقف عند حدود التبسيط، بل ذهب إلى إعادة إنتاج المفاهيم التي يثبت الخطأ فيها من أجل التأصيل للقراءة العربية في حدّها الإشكالي المتعلق بالتأويل، فقطع بأن «النظر في كتب القدماء واجب بالشرع، إذ كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه»[4] ولكنه ـ مع ذلك ـ اشترط على من ينظر في كتب القدماء من الفلاسفة أن يجمع بين ذكاء الفطرة، والعدالة الشرعية والفضيلة العلمية والخلقية؛ ومثّل من يصدّ عن النظر في كتب الحكمة، مَن هو أهلٌ للنظر فيها، كمن «منع العطشان شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش، لأن قوما شرقوا به فماتوا»، فالموت بالشرق أمر عارض، أما الموت عطشا فهو ذاتي ضروري، وهكذا يخلص إلى أنه لا ينبغي منع من كان أهلا للنظر في كتب الحكمة «لأجل قوم من أراذل الناس قد يُظن أنهم ظلّوا من قِبل نظرهم فيها»[5].

وواضح أن ابن رشد يحتاج إلى تبيان ضرورة الإفادة من التراكم المعرفي الإنساني، كي يخلص إلى مناقشة قضايا الخلاف الكبرى بين المتكلمين والفلاسفة[6] بالأدوات التي يتيحها الواقع المعرفي، إلا أنه استغل هذه القضايا ـ في "الفصل" ـ لأجل رسم معالم المنهج وحسب، فكل المقدّمات التي افتتح بها كتابه، بداية من الحديث عن شرعية البرهان، أفضت به إلى ترسيخ العلاقة بين الفلسفة والشريعة، فالقاعدة الأساسية هي أن النظر البرهاني لا يؤدي إلى مخالفة ما ورد بالشّرع، فإذا كان هذا النظر «قد أدى إلى نحو ما من المعرفة بموجود ما، فلا يخلو ذلك الموجود من أن يكون قد سكت عنه الشرع أو عرّف به»[7]، وليس يُطرح الإشكال إذا كان الموضوع من المسكوت عنه، كما لا يطرح إذا نطقت الشريعة به، لأن الغالب هو أن ظاهر ما تنطق به الشريعة يكون موافقا للدليل البرهاني؛ أما الحالة الثالثة التي تأتي بمخالفة ظاهر الشرع لبرهان العقل، فهي التي تفرضُ "التأويل"، وتجعل مطلبه واجبا على الأكْفَاء من النظار الذين تتوفر لهم أسباب النظر، وهنا، يقطع ابن رشد ـ بصرامة ـ أن «كل ما أدى إليه البرهان وخالفه ظاهر الشرع، فإن ذلك الظاهر يقبل التأويل على قانون التأويل العربي»[8]، وهذه القضية يقينية، كما يقول ابن رشد، مستشهدا بإجماع المسلمين على أن ألفاظ الشّرع لا يجب أن تحمل كلها على ظاهرها، ولا أن تُخرج كلها عن ظاهرها بالتأويل، فيكون عماد المنهج الجمع بين المعقول والمنقول، غير أن الاختلاف يطرأ في المؤوَّل من ألفاظ الشرع وغير المؤوّل منها، تماما مثلما يُطرح الاختلاف في المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ وغيرهما من القضايا.

ولا يتوقف الاختلاف على المؤوّل وغير المؤوّل فحسب، ولكنه أمر وارد فيما تم الاتفاق على تأويله، لذلك يضبط ابن رشد مسألة المنقول بمناقشة مفهوم الإجماع لينتهي به إلى أن "الإجماع" لا يمكن أن يتقرّر في القضايا النظرية بطريق يقيني.

ويرى ابن رشد أن انقسام الشرع إلى ظاهر وباطن إنما هو لطف من الله بعباده الذين لا سبيل لهم إلى البرهان، فالأصل أن الناس متفاوتون في القدرات العقلية، ولذلك توجّه خطاب الشريعة إلى عموم الناس عبر طرق ثلاث: البرهان، الأقاويل الجدلية والأقاويل الخطابية، فـ«عمّ التصديق (بالشريعة) كل إنسان إلا من جحدها عنادا بلسانه، أو لم تتقرر عنده طرق الدعاء فيها إلى الله تعالى، لإغفاله ذلك من نفسه»[9]، وواضح أنه بقوله هذا يستبعد قضية "الإيمان" من النقاش، لأنها ـ في مضمونها ـ قضية فطرية تتوفر سبلها لكل إنسان طالما لم يغفل ذلك من خاصة نفسه؛ إضافة إلى أنها قضية برهانية لا يمكن ردّها إلا جحودا وعنادا.

وعلى هذا، فإن مقصود الشرع من تعليم الحق، يتحقق من خلال طرق التصديق البرهانية والجدلية والخطابية، وطرق التصوّر (الشيء في نفسه أو مثالُه)، ويتجلّى هنا أن ظاهر الشرع هو الأمثال التي يمكن أن يقع التصديق بها بالأدلّة المشتركة للجميع جدليّة وخطابيّة، أما الباطن فهو الذي لا يتجلى إلا لأهل البرهان[10]، ولكن الظاهر يأتي بدوره على قسمين: ما لا يجوز تأويله البتة، وهو ما يدخل في المبادئ، وما يجب على أهل البرهان تأويله كمثل آية الاستواء وحديث النزول،ويلخّص ابن رشد مواضع التأويل مجملة فيقول بأن «ما لا يدرك إلا بالبرهان، ففرض الخواصّ فيه هو التأويل، وفرض الجمهور هو الحمل على الظاهر في التصوّر والتصديق، إذ كان ليس في طباعهم أكثر من ذلك»[11].

ومن خلال منهجيته في تصنيف المعاني التي يتضمّنها الشرع، وما يقبل التأويل منها وما هو ممتنع عن التأويل، يرفض ابن رشد رفضا قاطعا ما يُفضى إليه الاختلاف في التأويل من فوضى، لذلك يدعو إلى عدم التصريح بالتأويلات للجمهور وإن كانت صحيحة، لأن الغالب على الناس هو الفهم بالظاهر، فكيف إذا صُرّح بالتأويلات الفاسدة التي تكون سببا لهلاك الجمهور[12].

وينتقد أبو الوليد المعتزلة والأشعرية معا لما صرّحوا به من تأويلات للجمهور، فأوقعوا الناس في شنآن وتباغض وحروب، ويرى بأن منهج المعتزلة ليس مما يثبت التأويل للجمهور، لأنه أغمض مما تتيحه الطرق المشتركة للعامة، كما أنه ليس مما يتوجّه إلى الخواص لنقصه عن شرائط البرهان، أما الأشعرية فيرى بأن معارفها سوفسطائية لأنها تجحد كثيرا من الضروريات مثل ثبوت الأعراض، ووجود الأسباب الضرورية للمسبّبات، والصّور الجوهرية، وقال إن نظّار الأشعرية «لم يعرفوا أي الطرق هي الطرق المشتركة للجميع، التي دعا الشرع من أبوابها جميع الناس، وظنوا أن ذلك طريق واحد، فأخطأوا مقاصد الشرع»[13]، لذلك يحرص ابن رشد في الوصية لمن أراد أن يرفع هذه البدعة عن الشريعة أن «يعمَد إلى الكتاب العزيز، فيلتقط منه الاستدلالاتِ الموجودة في شيء شيء مما كُلفنا اعتقاده، ويجتهد في نظره إلى ظاهرها ما أمكنه من غير أن يتأوّل من ذلك شيئاً، إلا إذا كان التأويل ظاهراً بنفسه، أي ظهوراً مشتركاً للجميع»[14]. وبالعودة إلى المعاني الموجودة في الشرع، نجد ابن رشد قد جعلها صنفين، أولها الصنف الذي يشترط فيه أن يكون «المعنى الذي صرّح به، هو المعنى الموجود بنفسه»[15]، وتأويل هذا الصنف من المعاني «خطأ بلا شكّ» كما يقرر صاحب "الفصل".

أما الصنف الثاني فهو أن «لا يكون المعنى المصرح به في الشرع هو المعنى الموجود، وإنما أُخذ بدله على جهة التمثيل» وينقسم هذا الصنف على أربعة أقسام تُرتب كما يلي:

    1: أن يكون المعنى الذي صرح بمثاله لا يعلم وجوده إلا بمقاييس بعيدة مركبة.

    2: أن يكون المعنى معلوما بعلم قريب.

    3: أن يكون المعنى معلوما أنه مثال بعلم قريب، ويعلم لماذا هو مثال بعلم بعيد.

    4: أن يُعلم لماذا هو مثال بعلم قريب، ويعلم بعلم بعيد أنه مثال·.

فأما المعاني التي تقع في القسم الأول، فهي التي يختصّ بتأويلها الراسخون في العلم ولا يجوز التصريح بها لغير الراسخين، في حين تقع معاني القسم الثاني في دائرة ما يجب تأويله والتصريح به.

أما القسمان الثالث والرابع، فهما مما ينبغي إعمال النظر فيهما، لأن المعنى هنا يقتضي الترجيح، ذلك أن القصد من التمثيل في القسم الثالث إنما هو «تحريك النفوس إليه»، ويرى فيلسوف قرطبة أن «الواجب أن لا يتأوله إلا الخواص من العلماء» وذلك بنقل التمثيل إلى ما هو قريب من معارف الجمهور، وإنزاله إلى الوجود الأغلب على ظنهم وجوده حسيّا أو خياليا أو عقليا أو شبهيا على غرار ما صنف الغزالي من مراتب الوجود في كتاب "التفرقة"[16]، ولا يختلف القسم الرابع عما بسطناه في القسم السابق، إذ ينتهي به ابن رشد إلى التحرز من إباحة التأويل للعوام؛ فمتى أبيح التأويل في هذين الصنفين الأخيرين «تولدت اعتقادات غريبة وبعيدة عن ظاهر الشريعة».

ونلاحظ هنا مع الجابري أن «الشاغل الذي كان يؤطّر تفكير ابن رشد في "الفصل" و"الكشف" لم يكن مجرد شاغل كلامي نظري، بل هو أساسا شاغل اجتماعي سياسي يتمثل في "الأضرار" التي نجمت عما قامت به الفرق الكلامية من "التصريح للجمهور" بتأويلاتها، وما نتج عن ذلك من "شنآن وتباغض وحروب" وتمزيق للشرع وتفريق للناس»[17]، وهو ما حدا بفيلسوف قرطبة إلى التضييق في دائرة المؤولين، ويراهن على العلم البرهاني الذي يجعل النصوص الشرعية منسجمة مع العقل، ومتسقة فيما بينها، ولا يتدخل التأويل إلا فيما يخالف البرهان من النصوص من أجل النفاذ إلى عمق المعنى[18].

وإذا كنا قد اكتفينا في البحث عن حدود التأويل عند ابن رشد بـ"الفصل" و"الكشف" على الرغم من أن منهجه مفرّق على كتبه نظريا وتطبيقيا، فذلك لما تقتضيه منهجية عملنا بالدرجة الأولى؛ وإننا نرى أن أبا الوليد تمكّن من توضيح حدود العمل التأويلي العربي، وتحديد إجراءاته المنهجية بما يوفّق بين الشريعة والفلسفة، فقد تعامل مع الموضوع ببصيرة الفيلسوف المؤمن، وعالج قضاياه بأسلوب المنطق، وأظهر كثيرا من التسامح وسعة الخاطر مع ما يعرض له من آراء الخصوم, وإن كان شديد القسوة على الغزالي بما أظهره من مجاملة له، وكان في عمله يأتي بالأمثلة من آي الذكر الحكيم والسنة النبوية المطهرة، كما يستخلص الرأي من التمثل بواقع الناس المعيش، وإذا كان ابن تيمية يؤاخذه لأنه «في حصره أصناف الأمّة لم يذكر أهل السلف، وهو مذهب خيار هذه الأمة إلى يوم القيامة» كما يقول، فإن الدكتور عاطف العراقي ردّ ذلك ردّا حسنا بقوله إن «مأخذ ابن تيمية ليس بصحيح، إذ الأساس الذي يستند إليه ابن رشد، نقده للفرق التي حطّت من شأن العقل كالحشوية والصوفية، وكذلك نقده للفرق التي لا تسمو نظرتها إلى البرهان كالمتكلمين الذين اقتصروا على الجدل»، ويذهب العراقي إلى أن «آراء السّلف لا تدخل ضمن آراء هذين الفريقين، إذ أنها ليست مذهبا معينا في الألوهية، بالإضافة إلى أنهم لم يحطُّوا من شأن العقل كغيرهم من الفرق، كما أنهم لم يبيّنوا الأساس العقلي الذي تستند إليه الآيات القرآنية، وإنما يسلمون بها مجرّد التسليم»[19]، ونضيف ـ في هذا السياق ـ بأن مفهوم "أهل السلف" نفسه يبدو غامضا إلى يومنا هذا، وإذا اكتفينا منه بوصف العراقي، فيجب أن نشير إلى أن أبا الوليد يرى أن «الصدر الأول ـ من المسلمين ـ صار إلى الفضيلة الكاملة والتقوى باستعمال هذه الأقاويل دون تأويلات فيها، ومن كان منهم وقف على تأويل لم ير أن يصرّح به»[20].


هوامش

[1] ـ ضرب القاضي أبو الوليد مثلا على ذلك بقوله: «.. إن الآلة التي تصحّ بها التذكية لا يعتبر في صحة التذكية بها كونها آلة لمشارك لنا في الملة أو غير مشارك، إذا كانت فيها شروط الصحة». انظر: "فصل المقال"، نفسه.ص 26.

[2] ـ انظر أبو الوليد ابن رشد، المرجع نفسه، ص28.

[3] - Charles Nodier, Notions Elémentaires de linguistique ou Histoire Abrégée de la parole et de l’écriture, Librairie D’eugène Renduel ; PARIS, 1834.P 03 et 04.

[4] ـ انظر أبو الوليد ابن رشد، سبق ذكره، ص28.

[5] ـ أبو الوليد ابن رشد، نفسه، ص30.

[6] ـ تتمثل القضايا الرئيسية في مسألة قدم العالم وحدوثه، العلم الإلهي، والمعاد إن كان ماديا أو روحيا. انظر مقدمة الدكتور محمد عمارة لكتاب "فصل المقال"، نفسه، ص 8.

[7] ـ أبو الوليد ابن رشد، نفسه، ص32.

[8] ـ نفسه، ص33.

[9] ـ نفسه، ص31.

[10] ـ نفسه، ص46.

[11] ـ نفسه، ص57.

[12] ـ نفسه، ص60.

[13] ـ نفسه، ص63 و64.

[14] ـ نفسه، ص65. بتصرف

[15] ـ ينظر أبو الوليد ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة في عقيدة الأمة، تحقيق مصطفى حنفي، بإشراف من الدكتور محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، الطبعة الأولى، 1998.ص205.

  • ـ اخترنا أن نحافظ على التصنيف كما صاغه ابن رشد تحرزا من الوقوع في الغموض، وتصنيف ابن رشد لمعاني الشرع ورد بكتاب "الكشف عن مناهج الأدلة في عقيدة الأمة" المذكور آنفا.

[16] ـ يحدد أبو حامد الغزلي في كتاب "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" خمس مراتب للوجود:

الوجود الذاتي: يقع خارج الحسّ والعقل ولكن يأخذ عنه الحس والعقل صورة، فيسمى أخذه إدراكا، وهذا كوجود السماوات والأرض والنبات.. الوجود الحسّي: وهو يتمثل في القوة الباصرة من العين مما لا وجود له خارج العين، فيكون موجودا في الحسّ ولا يشاركه غيره، وذلك كما يشاهده النائم، بل كما يشاهد المريض المتيقظ إذ تتمثل له صورة، ولا وجود لها خارج حسّه.الوجود الخيالي: وهو صورة هذه المحسوسات إن غابت عن حسك، فتستطيع أن تخترع في خيالك صورة فيل وفرس وإن كنت مغمض العينين.الوجود العقلي:  وهو أن يكون للوجود روح وحقيقة ومعنى، فيتلقى العقل مجرد معناه دون أن يثبت صورته في خيال أو حسّ أو خارج، كـ"اليد" عندما يقصد بها القدرة والبطش. الوجود الشبهي:  وهو أن يكون نفس الشيء موجودا لا بصورته ولا بحقيقته لا في الخارج ولا في الحسّ ولا في الخيال ولا في العقل، ولكن يكون شيئا آخر يشبهه في خاصة من خواصه على استحالة. ينظر أبو الوليد ابن رشد، الكشف عن مناهج الأدلة في عقيدة الأمة، تحقيق مصطفى حنفي، سبق ذكره، ص 206.

[17] ـ المصدر نفسه، من المقدمة التحليلية للدكتور محمد عابد الجابري، ص 68.

[18] ـ ينظر، التلقي والتأويل، د. محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 1994، ص 96و97.

[19] ـ ينظر الدكتور عاطف العراقي، المنهج النقدي في فلسفة ابن رشد، دار المعارف، الطبعة الثانية، 1984، ص 251.

[20] ـ أبو الوليد ابن رشد، سبق ذكره، ص65، تحدث عن إبطال الحكمة من الطرق المشتركة لتعليم الجمهور وإبطال فعلها المقصود في إفادة السعادة الإنسانية من خلال تحريفها بتأويل لا يكون ظاهرا بنفسه، وإظهارها للجميع.