إشكاليّات صناعة البطل في أدب الطفل

نحو التأسيس لنموذج جزائري

رافق "البطل" كل مراحل التّاريخ الانساني، وظلّ ملازما لكلّ المجتمعات، يحافظ على ثوابتها ويرسم ملامح طموحاتها المستقبليّة، ولكن مفهوم "البطل" «ظلّ بعيدا عن الحاجة إلى تعريف واضح يضبطه، واكتفى بما تلبّسه من "فهم مسبق" (Précompréhension) يمنحه معناه الخاص بتلقائية» ، فـ"الأبطال" جميعهم، الأسطوريون منهم والتّاريخيون، يتحمّلون عبء توجيه التّاريخ نحو القيم العليا، مثلما يتحمّلون واجب تمجيد الأمم التي يمثّلونها، والصورة النّمطية التي تجمعهم في مسار واحد، هي التي تسوّغ عدم الحاجة إلى ضبط المفهوم، باعتبار أنه يقدّم معناه جاهزا.

كتب: محمد كاديك

محمد كاديك
محمد كاديك

ولقد تنبّه الأديب الجزائري (في الفصحى والعامية معا) إلى خطورة مفهوم "البطل" في الأعمال الأدبية والفنية، فاختصّه بعناية خاصة، واصطنع أبطالا تكفّلوا بالمحافظة على ثوابت الأمة وقيمها، حتى أن جوزيف ديبارمي (J.Desparmet) خصّص دراسة للسّير التي كان الجزائريون يتداولونها بمنطقة المتيجة، في مقال نشره بـ"المجلة الإفريقية" (Revue Africaine)، وكانت خلاصته صرخة كولونيالية، بل صفارة إنذار من "خطر" محدق بالوجود الفرنسي على الأرض الجزائرية، أطلقها عام 1938، بعد أن لمس، في مختلف السّير، أن المغنين/ المدّاحين الجزائريين ينعشون روح الحرب وحبّ الخطر في نفوس الناس[1].

وليس يخفى أن الأبطال، تاريخيين وأسطوريين، إنما يكبرون في نفوس النّاشئة، ويؤثّرون تأثيرا مباشرا على توجههم في الحياة، بل إنهم يصنعون سلوكهم، ويصوغون رؤيتهم إلى الكون، وهنا يبدو توظيف الأبطال التاريخيين الجزائريين في أدب الأطفال ضرورة حيوية للغاية، خاصة وأن عصر العالم القرية الذي نعيش صار مفتوحا على كل "القيم" التي تمتلك أدوات الانتشار، في غياب كلّي لما يمثّل الخصوصيّة الجزائرية.

ورغم بعض الجهود المبذولة في هذا المجال، كمثل ما يحرص عليه متحف المجاهد بالجزائر العاصمة من نشر لمختلف سير شهداء ثورة التّحرير الجزائرية، أو كمثل بعض الاجتهادات الفردية التي تتسم بالمناسباتية في غالب الوقت، فإن مكتبة الطفل تحتاج إلى جهود أكبر كي توفّر مادّة في مستوى القيم العالمية التي تمثلها الثّورة الجزائرية، ذلك أن المادة المتوفرة حاليا، في معظمها، تفتقر إلى عامل الإقناع الأول في عملية القراءة.. الجمالية الفنية.

ونعتقد أن الافتقار إلى الجمالية الفنية في الأعمال البطولية الموجهة إلى الطفولة، له أسبابه الموضوعية، فالأديب الجزائري ـ على العموم ـ له مكانته في المشهد الأدبي العالمي، ومع ذلك لم يتمكّن من وضع نموذج للقصة البطولية يفرض وجوده في عالم الناشئة، فقد بقيت الأعمال القصصية بعيدة عن تحقيق التوازن بين الالتزام بـ"التاريخ" الواقعي بما هو مسألة أمانة علمية، والطابع الخيالي/ العجائبي بما هو مناط التشويق؛ وعلى هذا، لم تسلم من أسلوب "التلقين" و"التوجيه" المباشر.

ونرى أن تحقيق التّوازن بين "التّاريخي" الموضوعي و"الخيالي" الفني، يقتضي رؤية استراتيجية واضحة ضمن المشروع المجتمعي العام، لذلك ينبغي تحديد أهداف دقيقة للعمل على تحقيقها في مجال زمني معين، عوضا عن الاستغلال العشوائي للمواقف البطولية؛ ومن الواضح أن بلورة هذه الرؤية الاستراتيجية ستتيح للأعمال الأدبيّة والفنيّة الانتقال إلى مرحلة "صناعة البطل" ضمن المنظور الجزائري العام، وما يتطلبه الواقع التاريخي للحفاظ على الخصوصية الجزائرية دون إقصاء الأبعاد العالمية التي تتضمنّها، ولكن بلورة هذه الرؤية يقتضي الإجابة أولا عن مجموعة أسئلة غاية في الأهمية حول الآليات التي تكفل صناعة البطل في الفضاء الجزائري، والإشكاليات التي تواجهها، فما المقصود بـ"صناعة البطل"؟ وهل هناك فعلا حاجة إلى بطل يصطنع في عالم لم يعد له حدود؟

  1. صناعة "البطل"..

نقصد بـ"صناعة البطل" مجموع الإجراءات والآليات المستخدمة في توطين النموذج البطولي ضمن المخيال العام، بما يتوافق مع الحاجة الاجتماعية والظروف التاريخية العامة التي تولّد هذه الحاجة، ذلك أن مفهوم "البطل" يتشكّل من خلال التّعبير الرمزي للمجتمعات؛ وهو وفق تعريف ستيفان سيزارنوفسكي (Stefan Czarnowski) «الرجل الذي يستحوذ طقوسيا ـ باستحقاق حياته أو موته ـ على القدرة الفعلية الأصيلة في الجماعة التي يمثلها، والتي يشخصن قيمتها الاجتماعية الأساسية»[2]، والبطل ـ كما يراه جوزيف كامبل (Joseph Campbell) ـ هو ذلك الانسان الذي «لديه المقدرة على أن يكافح من خلال حدوده الشّخصية والتاريخية المكانية في سبيل الأشكال الانسانية التي تتمتع بالصلاحية المطلقة؛ وتأتي رؤاه وأفكاره وإلهاماته نقية منبثقة من المنابع الأولى للحياة والفكر الانسانيين»[3]·، وعلى هذا، فإن "البطل" يتبوّأ مكانة "الرّمز" بالنسبة للمجتمعات لأنه يقدم "معناه" من خلال النّموذج السّلوكي الذي يتبناه أفراد هذه المجتمعات، وهو ما يلاحظه دومينيك برايان (Dominic Bryan)، فلا يتعجّب حين ينصبّ الاهتمام على قدرات البطل في "التّضحية" بقدر أكبر من الاهتمام بمنجزاته[4].

وقد يكون البطل أسطوريّا أو تاريخيّا، ولكن مفهومه في كلّ الحالات متضمّن في ثوابت المخيال العام على أنه مُلهَم وصانع خوارق، ومع ذلك «فإن فضائله ـ عادة ـ تتأنسن، أما قدراته التي تتجاوز الطبيعة فلا تكون سوى امتياز لقدرات طبيعية مثل الذّكاء، السّرعة، الدربة على القتال..»[5]، ولهذا ترتبط كل الأساطير والنصوص الملحميّة فيما بينها ضمن المخيال الانساني، فهي لا تمثل ـ في مجملها ـ سوى تجليّات ثقافية لحاجة انسانية عالمية إلى شرح الواقع الاجتماعي، الكوني أو الروحي وفق نظرية كامبل المعروفة بـ"الأسطورة الوحيدة الاتجاه" (Le Monomythe).

ولقد لاحظ جان بيار آلبير (Jean-Pierre Albert) ـ على غرار كامبل ـ بأن السياقات التراجيدية التي تستدعي المآثر البطولية تعود جميعها إلى سيناريو نموذجي بسيط يبدأ بكيان اجتماعي مهدد في وجوده، ويعجز بكل وسائله عن القيام بما ينجيه؛ وهنا يتدخل شخص غير متوقع فيقوم بعمل مبدع، ويتخذ قرارا مضادا لمصلحته الخاصة، ولكنه ملائم تماما لضرورة عليا، فينجح أو يخفق، ثم يتبين أن تدخّله كان موافقا لاتجاه التّاريخ وفق إجماع الكيان الاجتماعي[6]، وفي كل حال، فإن تقييم العمل البطولي لا يكون وفق "النجاح" أو "الإخفاق"، لأنه مرتبط بمدى قبول المخاطرة والمعاناة، بل وحتى الموت، ليكون المعيار الأهم هو "التّضحية" لأجل المجتمع، ومنه يتجلى مفهوم "الشهادة" بما هو الخلاصة الكاملة للبطولة، ويكون المفهوم الأقرب للبطل متمثلا في ذلك الشخص الذي «يُقبل على التضحية إراديا، فيرسّخ القيمة المحفزة لتضحيته ويجعل منها مبدأ متعاليا»[7]، ويتحول معنى "الشهيد" إلى منتج لسلطة متعالية لها فروضها على الوسط الاجتماعي سواء كان المجتمع يرغب في الحفاظ على مكسب، أو تجاوز تهديد.

  1. الحاجة إلى "البطل"..

اقترح ج.ب. آلبير قراءتين اثنتين للعبارة الشهيرة التي أطلقها هيغل: «ويل لشعب يحتاج إلى أبطال» وقدّر في القراءة الأولى حالة شعب يستدعي "البطل" للاستعانة به على وضع صعب لأنه لا يمتلك المقوّمات المعنوية التي تسمح له بإصلاح وضعه؛ أما القراءة الثانية فقد ربطها بشعب يعيش حاضرا محفوفا بالمخاطر إلى درجة أنه يضطرّ إلى البحث في الماضي عن ممثلين نموذجيين لهويّته المهددة[8]، ولنا أن نقدّر هنا أن (الويل Le malheur) الذي تحدث عنه هيغل، ليس حالة استشرافية لمستقبل غامض بالضّرورة، وإنما هو تشخيص لمآزق تاريخيّة تنال حظّها من كل الشّعوب، ولقد ظلّت الأمم على مدار التاريخ تصطنع لنفسها ما تشحن به عاطفة البقاء حين تلحق بها الهزائم وتحاصرها الملمّات، وعلى هذا، فإن الحاجة إلى الأبطال، بما هي متضمّنة في تاريخ الأمة الواحدة، تدخل في المنظور الهيغلي ضمن «تطوّر المبدأ الذي تقوم عليه (الأمة) من مرحلته الجنينية الكامنة إلى أن يزهر في الحياة الأخلاقية ويصل إلى حرية الوعي الذاتي ليشق طريقه إلى التاريخ الكلّي، أو في فترة انحطاطها وتدهورها مادام الانحطاط والتدهور هو الذي يبرز انبثاق مبدأ أعلى في هذه الأمة، بوصفه الجانب السلبي الخالص الخاص بها»[9]، والأبطال/عظماء الرجال، إنما يتوّجون أفعال تاريخ العالم كما يقول هيغل، فالأفعال جميعا يتوّجُها «أفراد بوصفهم ذوات تضفي التّحقق الفعلي على جوهر الرّوح، فهم أدوات حيّة لما هو عمل جوهري لروح العالم»[10]؛ ومع هذا، لا ينبغي أن يفوتنا أنّ العبارة الهيغلية المتعلقة بالحاجة إلى الأبطال لا تشمل وضعيّات أخرى تكون فيها هذه "الحاجة" بعيدة عن الواقع المأساوي، فالنموذج الأمريكي، بما هو النموذج المهيمن ضمن المنظور الحضاري القائم، يفرض على كل أفراد المجتمع الانخراط اللامشروط في المؤسسات التي تمثل اللّحمة الوطنية، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية هي البلد الأكثر تصنيعا للأبطال الوطنيين وفق أدوار يمكن أن يلعبوها في نشر الأيديولوجية الوطنية، وتصف إليز ماريونتريس (Élise Marienstras) العقيدة المواطنية في الولايات المتحدة، بما هي الشّكل العلماني للعقيدة المدنية، بقولها إنها «تجمع المواطنين حول إيمان مشترك بـ"الدولة الأمة"، يفرض عليهم تبجيل النصوص المؤسسة (وثيقة إعلان الاستقلال، الدستور) والتعامل معها بصفة نصوص مقدسة، بل إنها تخترع لها طقوسها وتؤسس لتقاليدها»[11]. وما دام الأبطال يتوّجون أفعال تاريخ العالم، فإن الحاجة إليهم تبقى قائمة على الدّوام، لأن الصّيرورة التاريخية تقتضي حضورهم، ويبدو أن هيغل قدم هجاءه النقدي للعلاقات الاجتماعية في العصور الحديثة من هذا المنظور، فقد «رأى أن الانسان في الأدب الحديث تخلّى عن مسؤولياته الأخلاقية، إذا ما قورن بالانسان القديم الذي عبر عنه أبطال الملاحم القديمة الذين تطابقوا مع عالمهم، فالانسان في العصور الحديثة (...) ينتهي بإعلان فشله بالموت دون تحقيق نتيجة، وهو أمر لم يكن يقبله البطل الملحمي»[12]، والأبطال ـ في الأخير ـ «يحدّدون القيم التي تتأسّس عليها فكرة الأمة نفسها، وهم الذين يشيّدون ـ بطريقة أو بأخرى ـ تراثها الأيديولوجي»[13]، وبما أن المرحلة التاريخية التي يعيشها العالم برمّته، تمثل حلقة من الصّراع أكثر تعقيدا من كل المراحل التّاريخية السابقة، فإن العبارة الهيغلية الشهيرة تحتمل وجها آخر يختصّ بالشعوب التي تعتقد أنها يمكن أن تتجاوز الأبطال وتستغني عنهم.

  1. إشكاليات صناعة البطل..

تمثل "صناعة البطل" تحدّيا كبيرا في عصر "العالم القرية" الذي نعيش، فالأريحية التي كانت المجتمعات تتعامل بها في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين على أساس الإفادة من الآخر مع المحافظة على الخصوصية، بتعبير محمد عابد الجابري، لم تعد متاحة مع الظّاهرة الإعلامية التي تسهم في عولمة المرجعيات، وتعديد الأبطال، وتوجيه الرموز من خلال النماذج التي تكرّسها في خطابها العام لتفرضها في شكل قوالب جاهزة لإدارة "التفكير"، ولا شكّ أن تحديد ملامح "البطل" في المجتمعات غير المهيمنة، يصبح صعبا للغاية وهو يواجه أجهزة "تشكيل الوعي" المتنوعة (الكتب، الرسوم المتحركة، السينما، البرامج الإذاعية والتلفزيونية..) التي تمتدّ إلى كل الأشكال المألوفة للثقافة، وتحمّلها بقيمها الخاصة[14].

وفي مستوى ثان، يعترف ج.ب.آلبير بأن الجانب الشكلي لـ"البطولة" لا يكفي وحده لتحديد أبطال حقيقيين، إذ يجب على "التّضحيات" المتّفق عليها أن توضع في خدمة قضية جوهرية، ذلك أن تغييب القضية قد يقدم مجموعة أداءات تنال الإعجاب، ولكنها لا ترقى إلى مستوى "البطولة"، ومثل ذلك ما تروّج له وسائل الإعلام من أبطال "الفتوحات غير المجدية" (متسلقو الجبال، قاطعو المانش..)، فهؤلاء يجسدون فضائل عالمية (الشجاعة، المثابرة، الحفاظ على المثل العليا..) ويريدون أن يكونوا مثاليين في مجال هذه الفضائل، ولكن هذا الشّكل البطولي ينتهي إلى أن يصبح نموذجا لـ"الفردانية"، ويقدم الفرد وحده كقيمة مطلقة حين يتوسم أنه نموذج للانسانية كاملة[15].

ومع الزخم الإعلامي الذي ينهال على كل المجتمعات غير المهيمنة، وتركيز هذه المجتمعات على الجوانب الشّكلية للبطولة وحدها، يضع ج.ب.آلبير يده على وهم كبير عادة ما تقع فيه هذه المجتمعات حين تعتقد أن كل الشعوب تمتلك أبطالها الموضوعيين المسجلين في تراثها التاريخي، فالأبطال الوطنيون لا يوجدون في الواقع إلا وفق قراءة هويّاتية (Lecture Identitaire) للتاريخ، كما لا يتم توصيلهم بدائرة القيم "النبيلة" دون أن تكون هذه "القيم" نفسُها موضوعا للقراءة الهويّاتية كما يرى آلبير، ويضرب على هذا مثلا بشخصية لويس باستور (Louis Pasteur) الذي يمكن أن يكون موضوعا لقراءة عالمية تعترف له بصفة "المحسن إلى الانسانية" مع إغفال تام لموطنه؛ تماما مثلما يمكن أن تكون قراءة منجزه العلمي على أنه من تجليّات "قيم التقدم" التي كرستها "الجمهورية"، لتتحوّل "الجمهورية" إلى قيمة فرنسية، ولا يكون من حظ باستور سوى القبول بأن يكون من أكابر الفرنسيين فقط[16].

ومع هذه المستويات الثلاث لما يمثل إشكاليات حقيقية أمام "صناعة الأبطال"، يمكن أن نضيف ـ في الحالة الجزائرية ـ إشكالية الجمالية الفنية في صياغة صورة البطل عامة، وأبطال ثورة التّحرير الجزائرية بصفة خاصة، وتتجلى فيما سبق وذكرناه من تجاذب بين ما تفرضه الأمانة العلمية بما هي التزام تجاه التاريخ، وما تقتضيه أساليب التشويق من جنوح إلى الأسطرة؛ ومع هذا، نرى أن الزخم الثوري الجزائري يمكن أن يتجاوز هذه الإشكاليات مجملة، ليؤسس لـ"صناعة البطل" في الأعمال الأدبية والفنية على اختلافها، ويكون له حضوره القوي في المشهد العالمي.

  1. الواقع الجزائري..

أثبتت دراسة ميدانية أجرتها نورية بن غبريط في ماي 1992 على عيّنة من طلبة الأقسام النهائية بوهران، أن بطل ثورة التّحرير الوطني له حضوره ضمن المعارف المشتركة التي يتقاسمها الثّانويون[17]، وحتى إن كان لدراسة بن غبريط منحاها المختلف تماما عمّا نرمي إليه هنا، فإن الأرقام التي توصّلت إليها تقدم صورة مجملة عن المبادئ العامة المشتركة ضمن التمثيلات الاجتماعية بالجزائر؛ خاصة فيما يتعلّق بالشّخصيات الأحسن تمثيلا للتاريخ الوطني وثورة التحرير، ولكن هذه الأرقام الإيجابية في منظورنا، مرّت بأحداث فارقة في التاريخ المعاصر، كما أنها شهدت تطوّرا إعلاميا غير مسبوق (على المستويين المحلي والعالمي)، ما يستدعي المسارعة إلى الدراسة الميدانية من جديد، والنظر في كل المتغيّرات التي أحدثها الواقع العالمي المحدث، ذلك أن الأطفال، وإن كانوا يستهلكون نفس المادة/المواضيع مع الراشدين الذي يقاسمونهم الثقافة المادية، فإنّ هناك مادّة أخرى مخصّصة لهم قد لا تسترعي الانتباه، ولكنها تتسلل إلى الحياة اليومية من خلال ما يصفه جيل بروجير (Gilles Brougère) بـ"بلاغة الأشياء" التي تنشر خطابها وفق استراتيجيات إغواء متعددة، وتمرّ من خلال الملابس، والألعاب والأشياء الصغيرة التي تثبّت خطاباتها في المخيال العام[18]، في غياب تام للخصوصيّة الجزائرية التي يبقى معقلها الوحيد "المدرسة".

وإذا كان للنصوص البيداغوجية المدرسية فعاليتها الهامّة في ترسيخ القيم، فإن النّصوص المنافسة لها قدرتها على الاختراق، وسطوتها على الواقع من خلال "خطاب الأشياء" أو من خلال الخطاب المباشر عبر النّصوص الفنية باختلاف أشكالها، وليس يخفى أن الواقع الجزائري، والعربي عامة، يعاني نقصا فادحا على مستوى الخطاب الفنيّ وخطاب الأشياء معا؛ فالمفهوم الأساسي لـ"أدب الأطفال" نفسه، ناهيك عن آليات الاشتغال عليه، يبقى تحت طائلة الغموض، فهو «أدب لم يتبلور بعد»[19]، أو أنه حقل لا يتجاوز حدود "الدعوة الدينية" ورسم المعالم العامة التي ينبغي للمتلقي أن ينصاع إليها طوال حياته، ليصبح "أدب الأطفال" ـ من هذه الزاوية ـ مجرد «وسيلة من وسائل الدعوة إلى القيم العربية الأصيلة المتأصّلة»[20] إضافة إلى أن حقله الدراسي «ما يزال ضيقا (...) لم يستغلّ بالبحث والدراسة والنقد»[21].

وإذا كنا نحسّ بمقدار النّقص الذي يعانيه حقل الأدب الموجّه إلى الطفولة، فإننا ينبغي أن نؤكد بأن تجاوز الإشكاليات التي يطرحها ليس مستحيلا، ولقد كان هذا الأدب ـ خلال الخمسينيات ـ في أوروبا، يعاني نفس النّقص، ولكن النقاد الأوروبيين من أمثال شارل فيلدراك (Charles Vildrac) تفطنوا مبكّرا إلى أن «الطفل يمنح النّصوص تعاطفه دون تحفّظ، حتى وإن خيّبت النّصوص ظنه»[22]، وعلى هذا، حدّدوا الركن الأهمّ من أركان الكتابة للأطفال. وفيه يقول فيلدراك:

«لا ينبغي أن نكتب للطفل إذا كنا لا نستطيع التخلي عن مكانتنا وإحساسنا بتفوّق الشّخصية الراشدة فينا، فليس هناك من شأن للتعالي غير تعميق البعد عن الأطفال، فهؤلاء ليسوا مغفلين (...) لذلك ينبغي الحديث إليهم كأنداد مساوين لنا، والكتابة لهم بأقصى ما يمكن من الوضوح والبساطة (...) كما ينبغي ـ على الخصوص ـ الحذر من أية نزعة تعليمية، حتى وإن تعلق الأمر بكتاب مدرسي أقل جاذبية من الرواية الترفيهية»[23].

واضح إذن أن الخطاب الأبوي التوجيهي لا يخدم مطلقا العمل الفني، وإنما يجعله مسطحا جافّا بعيدا عن أداء رسالته التي يتبناها، ويبحث عن ترسيخها، ذلك أن الطفل «يتعرّف إلى العالم حوله من خلال وقع الجمال عليه، فهو يبدأ بإدراك كيفيات ما يحيط به من لون وصوت وشكل (...) وبهذا فهو يقدّر القيمة الجمالية حتى وإن لم يمتلك القدرة على التصريح بذلك»[24]، وعلى هذا، فإن "التوجيه الأبوي" لا يعدو أن يكون تثبيطا للوعي الجمالي الذي ينبغي أن يطوّره الطفل من خلال معارفه المكتسبة؛ لذلك يوصي فيلدراك بـ"الندّية" في التعامل، فإذا كانت هناك كلمات حيّة، معبّرة، ملوّنة، لا يعرفها الأطفال، فإنهم يحتفظون بها بمنتهى المتعة بعد أن يسألوا عن معانيها أو يتلقوا المعاني بعفوية، ولكن هذا لا يعني عدم فرض رقابة صارمة على المفردات المتداولة، لأن هناك ـ في المقابل ـ كلمات مجرّدة بلا طعم ولا لون ولا نكهة[25].

  1. نموذج البطولة في الجزائر

سبق القول إن النّماذج البطولية في الجزائر صارت مقتصرة على ما تقدّمه مناهج التربية والتعليم، ولقد انتشر في العشرية الأخيرة كثير من الأبطال الذين يمثلون تقنية "الجذاب/ الممتع" بين أطفالنا، وصاروا يمثلون نماذج واقعية تتردّد ضمن "خطاب الأشياء" بتعبير جيل بروجير، فصارت صور "بان تان"، "هالو كيتي" و"سبادير مان" وغيرها من الصّور، تتواتر أمامنا يوميا، وترسّخ القيم التي تأسست لأجلها، بمساندة قنوات تلفزيونية متخصّصة تعمل على توسيع دائرة نشرها، دون أن يكون لنا أيّ إسهام في تأسيس قيمنا الاجتماعية في الناشئة.

وإذا كنا نمتلك من الأبطال التاريخيين والأسطوريين ما لا يحصى من الأسماء، فإن فعاليتنا في الميدان تبدو دون تأثير يذكر، رغما عن المحاولات الفردية التي تقدم سِيرًا لأبطال تاريخيين، ولكنها لا تستجيب ـ في الغالب ـ إلى مقتضيات "الجذاب/الممتع" الذي يتحقق في كل الأشياء المحيطة بالطفل.

وحتى نوضّح الصورة أكثر فيما يخصّ راهن "صناعة البطل"، نحاول الاقتراب من قصة "الحداد الثائر" لحسن تليلاني، وهي قصة تروي سيرة الشهيد زيغود يوسف، فقد تصوّرها الكاتب كما سكنته منذ الطفولة، فقال:

«الشهيد زيغود يوسف ـ رحمه الله ـ بالنسبة لي أكثر من رمز ودلالة، إنها روح سكنتني منذ الطفولة، فقد كنا صغارا، وكانت بطولاته تملأ أسماعنا، حتى أن صورته في خيالي اليوم هي نفسها الصورة التي رسمتها عنه في ذهني منذ طفولتي»[26].

وظاهر أن حسن تليلاني، وإن كان يقصد في ديباجة السيرة أن يقف وقفة تقدير لروح الشهيد، قدّم للقارئ في خلفية كلامه ما يحيل إلى عبقرية الحكي التي تميّز بها الجزائريون الأوائل في نقل صورة البطل إلى درجة أن الكاتب الأكاديمي نفسه أحسّ برسوخ تلك الصورة التي تلقاها سماعا، فرسخت في خياله منذ الطفولة، وهنا ينبغي أن نطرح سؤالا يبدو لنا مهمّا للغاية: هل تمكّن حسن تليلاني من نقل أحاسيسه إلى قارئه الصغير اليوم؟ وهل يمكن للمتلقي أن يحتفظ بوهج الصورة وألقها الذي عبّر عنه الكتاب مثلما تصوّرها، إلى غاية بلوغ السنّ الرشد؟

لم يخرج حسن تليلاني في اشتغاله على شخصية زيغود يوسف عن القالب المعروف للسير الحديثة، فقد تتبع مسيرة البطل منذ ميلاده إلى غاية استشهاده بالتوثيق والتأريخ، فجاء عمله أقرب إلى الخلاصات المدرسية منه إلى العمل الفني، وإذا كان قد جعل لـ"مهنة" الحدادة معنى ضمن الإطار البطولي، فإنه لم يفد كثيرا منها فنيا، كما لم يفد من أيّ محطة تاريخية لصالح الفنّ، واكتفى بالسّرد التاريخي الجاف عن الصورة الأدبية المعبرة، وتخلى عن الحركة التي يقتضيها التشويق لصالح "خطاب مدرسي محض"، ويلاحظ قارئ "الحداد الثائر" أن الكاتب لم يدرج أيّ شكل حواري على طول نصّه، وإنما تحمّل مسؤولية التنويه بالبطل، وذكر مناقبه بطريقة مسطحة، مثل قوله:

«لقد كان الفتى يوسف محبوبا بين أقرانه وأصحابه، فهو شاب اجتماعي وحيوي نشيط، تراه يقبل على الحياة حتى أنه كان يعشق مشاهدة أفلام السينما التي تحتفي بالبطولة والشرف والرجولة، فيتأثر بها ويروي حوادثها على خلانه..»[27]

وظاهر أن رصف الألفاظ المجردة التي لا لون لها كمثل وصف "اجتماعي"، أو محاولة إقناع المتلقي بأهمية الشخصية بمثل هذا الخطاب المباشر، لا تخدم أبدا الرغبة في ترسيخ صورة البطل بالذاكرة، مثلما لا يقدم أي دعم لتمرير الصورة المرغوب فيها؛ وحتى افتتاح الفقرة بـ"لقد كان.." بهذا الأسلوب التعليمي في كثير من المواضع بـ"القصة"، تفرض على البطل أن يبقى بعيدا عن واقع الناس، فالزمن الذي يستخدمه تليلاني على طول عمله، زمن مسطح لا يستدعي الحاضر، لأنه يفتقد إلى خاصية "التحويل الدرامي" (Dramatisation) وهو ما يفقده القدرة على قراءة الحاضر في الماضي المكتمل، فيعجز عن استخدام "المسافة الملحمية" (Distance épique) التي لا تتحقق إلا ضمن ماض مكتمل وأسطورة لا تقبل الجدل؛ وعلى هذا، يتبين أن الزمن الذي استخدمه تليلاني يختلف كليّا عن الماضي المطلق (الماضي القومي البطولي)، بما هو الفيصل في علاقة البطل مع العالم الذي يصوّره بـ"أصوله" و"أمجاده" القوميّة، فإذا كان "الماضي المطلق" ــ الذي تحدث عنه باختين ــ يمثل تصنيفا/تراتبية للقيم[28]، فإن المفترض أن التّحويل الدرامي يتيح استحضاره إلى زمن التلقي، ومادام كل إنسان يبحث عن صورته في شخصية بطل الحكاية التي يقرأها أو يتلقاها رواية؛ فإن الطفل يصدق عليه هذا الوصف تماما، ويمكن له أن يعيش الزمن المطلق في زمن التلقي بمنتهى السهولة، إذا توفرت عناصر الحكي.

وحتى نوضح مشكلة الزّمن في عمل تليلاني أكثر، نضرب مثلا ببعض الأساليب التي استعملها في عمله، فهو يقول ـ على سبيل المثال ـ «كما يشير المؤرخون إلى عوامل أخرى ساهمت في التكوين السياسي الوطني للشاب زيغود يوسف..»[29]، أو قوله: «تعد هجومات 20 أوت 1955 علامة فارقة في تاريخ الثورة الجزائرية حتى أن هناك من يعدها بمثابة نوفمبر جديد..»[30]، فـ"الماضي" المستخدم هنا لا علاقة له بالماضي المطلق، وإنما هي "إشارات من مؤرخين" وأحكام بلا أي تسويغ؛ ثم إنّ وصف البطل بـ"الشاب" لا يغني شيئا في تقريب زيغود يوسف من المتلقي، تماما مثلما لا يغني وصف "علامة فارقة" في الإقناع بأهميّة الهجومات، وإعطائها بعدا أسطوريا يرافق إطلاقية الزمن، ويجعلها تحتوي كل الأزمنة.

وفي مستوى آخر، لم يتمكّن تليلاني من استغلال السياقات التراجيدية التي توفرها سيرة الشهيد زيغود يوسف، فهو يبدأ قصة البطل منذ ميلاده، ويصف حالة اليتم ثم يتدرج إلى ظروف النشأة والتكوين، ويقف عند محطات تاريخية كبرى يستحضر لها شهودها، ويوشحها بتواريخها الحقيقية، ومع ذلك ضيّع كل الفرص المتاحة التي تسمح له برسم صورة البطل فنيّا، ويظهر ذلك جليا في اختصار الحدث الأهم، حدث الشهادة، في أسطر قليلة، يقول فيها:

«لقد كان واثقا من استقلال الجزائر، لكنه مثل الأنبياء والصالحين لم يكن يطمح بعد تبليغ رسالته إلى أي دنيا يصيبها سوى أن ينعم بالشهادة في سبيل الله والوطن حيث كان يقول لرفاقه في السّلاح: "اللهم يا ربي ارزقني الشهادة ولا تجعلني أدرك الاستقلال".. لقد استشهد زيغود يوسف وهو في ريعان شبابه إذ لم يكن يبلغ من العمر سوى خمس وثلاثين سنة، كانت كافية لتصنع ملحمة خالدة بالتضحيات والقيم والبطولات»[31].

فإذا وضعنا في اعتبارنا أن قيمة "الشّهادة" هي التجلّي الأسمى لفضيلة البطولة، وأنّ العمل البطولي ـ كما سبق القول ـ لا يتحدّد إلا بقبول المعاناة، والرضى بالتضحية، فإننا يجب أن نقول صراحة إن تليلاني ضيع الحدث الأهمّ وقدّمه مختصرا بأسلوب تعليمي/وعظي محض.

وما دمنا بصدد الحديث عن البطل والبطولة ـ مع التحفّظ عن الصّفة الملحمية التي تقتضي إجراءات خاصة عندما تنتقل من الشّفاهي إلى الكتابي ـ فإن ظروف تحقيقها فنيّا قد توفرت كاملة في سيرة زيغود يوسف، بداية من "الحدث التمهيدي" بتعبير ليليان كاستيلوت (Lilyan Kesteloot)، سواء فيما يتعلق بـ"الأصل" (جزائري مختلف عن الفرنسي المستعمر) أو ما يتعلق بـ"الطفولة الصعبة" (اليتم وشظف العيش وقهر الموت) إضافة إلى "العناية الإلهية" التي تحيط بالبطل (توثيق الرؤية الدينية/الشبه بيوسف عليه السلام/ التردّد على الكتاتيب)، وأخيرا "المواهب الفائقة"[32] التي تتجلّى في كل ما يقوم به زيغود (التفوّق على أقرانه في الدراسة، مع حال صعبة منعته أن يكون واحدا من كبار العلماء)؛ ثم إن تليلاني وفّر العلامة الفارقة في صورة البطل، وهي "النبوءة"[33] حين وصف زيغود يوسف بقوله: «.. ولم يخطئ من تنبّأ له بأدوار بطولية ومواقف ملحمية في تاريخ الجزائر والانسانية جمعاء»[34]، ولكنه لا يعطي أي مساحة لهذه النبوءة بما هي سانحة لتأسيس الفني/العجائبي في السّرد، وإنما يواصل في خطاب قيمي مباشر، بعيد عن أية لمسة فنية، وهكذا ضاع الحدث التمهيدي على تليلاني دون أي فائدة تذكر.

أما "الحدث الحربي" وهو ما ينبغي أن يكون مناط البطولة وميدان إثباتها، فإن ثوابته كلها قد توفّرت لتليلاني؛ فالوقائع الحربية وفق تعريف دانيال ماديلينا (Daniel Madelénat) تخضع لثابت "السّلطة" التي تكلّف البطل بالمهمّة، وتحدّد له أهدافه الجزئية والنهائية، ولنقل إنها الجهة التي يقاتل البطل في سبيلها؛ أما الثابت الثاني، فهو "البطل" نفسه، بكونه من مجتمع يعيش ظروفا صعبة، ليتشكّل الثابت الثالث ضمن المسار البطولي الذي تتميّز فيه الأحداث بـ"العنف" على محور تصاعدي، ولكنه إيجابي في كل الأحوال، ثم يتحقق الثابت الرابع في "أهداف" الوقائع الحربية، فالأهداف الجزئية تتحقق من خلال الانتصارات على الأعداء التي تؤدي إلى تحقّق الهدف النّهائي، ثم تتوطّد الغلبة والأمجاد لمجتمع البطل[35]، ولكن تليلاني ترك كل هذه الثوابت لتمرّ من خلال فقرات قصيرة أشبه بخلاصات دروس التاريخ المدرسية، ومثال ذلك وصفه لليلة الفاتح من نوفمبر في قوله:

«..وفي الشمال القسنطيني، توجّه زيغود يوسف في تلك الليلة الغراء على رأس مجموعة من الثوار مزودين بثلاثين بندقية حربية وكمية من الذخيرة وقاموا بمهاجمة الثكنات العسكرية ومراكز الشرطة في كل من كوندي السمندو والخروب، فكانت عمليات ناجحة أرعبت العدو الاستعماري، وأشعرت الجميع بأن الجزائر الثائرة قد شقت طريقها الصحيح نحو انتزاع الحرية والاستقلال»[36].

لا شك أن القارئ عرف من خلال هذه الفقرة أن زيغود يوسف قام بعمليّات مبهرة في ليلة الفاتح من نوفمبر، ولكنها فقرةٌ لا تتيح للقارئ الإحساس بالحدث، فالكلام ـ في مجمله ـ ليس غير حصيلة عامة تقدم عدد البنادق، ولا تشارك قارئها في صوت ولا صورة، وقد كان في المتناول أو يكون الهجوم على الثكنات ومراكز الشرطة ميدانا لتحفيز القراءة من خلال وصف هجوم واحد منها الأقل، في قالب درامي يحافظ على عناصر القصّ، ويضمن التشويق؛ ويكفي الكاتب هموم نقل شعور "الجميع" بأن الجزائر شقّت طريقها الصحيح·، فيظهر وكأنه يمرّر خطابا غير مرغوب فيه.

ويتعامل تليلاني بنفس الأسلوب مع كلّ الوقائع الحربية، فيعرف قارئه أن المجاهدين تمكنوا من إلحاق أضرار بليغة بالعدو الفرنسي في معركة "بوكركر" التي أحدثت أثرا عميقا في النفوس[37]، ولكن القارئ لا يسمع تكبيرا، ولا يرى غبارا ولا نارا، ولا يحسّ بأيّ خوف يتمّلكه، أو سعادة تغمره، فالنصّ يقدم له معلومات جاهزة، ولا يطالبه بالتفاعل.

أما النقطة الإيجابية التي تحسب لصالح عمل تليلاني، فهي خروجه عن المألوف ـ بالنظر إلى ما وصلنا من سير شهداء ثورة التحرير ـ في وصف البطل بـ"الحداد الثائر"، ولكنه لم يستثمر هذا الوصف في شيء، مع أنه كان يستطيع أن يركز الحدث كله على واقعة هروب زيغود يوسف من السجن، مثلا، ويجعل منها لوحة فنية مشوقة للغاية، ولكنه اختصرها في حوالي ثلاث صفحات وفق ما يقتضي أسلوب التقرير/ الحصيلة؛ وكذلك كانت الحال مع اسم "فارس النار" الذي أطلقه على الشهيد بعد ملاحظة لها عمقها في المسار العام للبطل.

يجب أن نشير إلى إن النماذج القصصية البطولية الموجهة إلى الأطفال والفتيان في الجزائر، لم تتحرّر من قيد التاريخ المدرسي، حتى تقدم ثمراتها في فضاء الأدب، وتمنح مكتبة الطفولة أشكالا فنية تشجع على اكتساب المعرفة التاريخية، وترقى إلى المستوى المتعارف عليه اليوم في عالم "صناعة الأبطال".

  1. نحو التأسيس لصناعة البطل..

توفر ثورة التحرير الوطني مادة بطولية ثريّة معبقة بالقيم الانسانية، وهي على غرار الثّورة الأمريكية «إبداع وطنيّ، وليست مجرد انقلاب اجتماعي (...) فهي لم تشرعن للتفكيك وإعادة التأسيس، وإنما فرضت الإبداع المطلق»[38]، وتوّجت مسارها بإنهاء استعمار غاشم استهدف الشعب في كل مقومات كينونته التاريخية، وهويّته الثقافية، وأسباب معيشته؛ ولكن الثورة الجزائرية لم تحظ بما حظيت به الثورة الأمريكية من عناية، فالتجارب المتعدّدة التي خاضها الكتاب والفنانون الجزائريون، لم تكن كافية لتتحول إلى رؤية استراتيجة في ميدان "صناعة البطل".

وحتى نوضّح الرؤية أكثر، نقدم مثلا عن الاختلاف بين الاستراتيجيتين الفرنسية والأمريكية في المجال، فالفرنسيون يكتفون برواق يضعون فيه الأبطال المسجلين في أسطورة يسهمون في ديمومة استرجاعها وإعادة إنتاجها، أو تطويرها، وفق مقتضيات الوظائف المسندة إليهم[39]، ولكن الأمريكيين لا يسجلون أبطالهم الوطنيين في التاريخ فقط، وإنما يجعلون لهم حضورا في حياتهم اليومية، فـ«إذا كان بينجامان فرانكلين وجورج واشنطن شخصيتين تاريخيتين، ولهما إسهامهما في الأمجاد الوطنية المسجل بالأرشيف، فإنّ شخصيّتهما عرفت نوعا من "التمجيد" أو "التحويل" إلى "صورتين نمطيتين"، حتى صارتا مختلفتين تماما عن شخصيات الأبطال الكلاسيكيين الفرنسيين على المستوى الوظيفي، فهما يقومان بدور مؤسس للأسطورة الوطنية التي يمثلان بها حجر الزاوية»[40]، ومن هنا، يحرص النموذج الأمريكي على ترسيخ العقيدة المواطنية بالتحكم في "اليومية Calendrier" وتطعيمها بالأحداث الكبرى في تاريخ الأمة، من خلال تسجيل الاحتفاليات بالأبطال من ممثلي المرجعيات التاريخية، ورموز الهوية المشتركة؛ ولا تفوتنا هنا الإشارة إلى أن احتفالية "عيد الاستقلال" في الرابع جويلية، إنما هي استدعاء لكل فئات الشعب للمشاركة الفعالة في الاحتفال، وليس مجرد  المتابعة من بعيد، وهو ما يعبر عن انخراط كلّي في المنظومة الوطنية.

وإذا تمعنّا في الواقع الجزائري، نجد البطل يقدم كل الأسباب التي تكفل له التحوّل إلى "نمط بطولي"، ولكنه مع ذلك يبقى في مستوى الأبطال الكلاسيكيين، أو أنه لا يحظى بمستواهم، لأنه لا يمتلك من الأعمال ما يضمن له الحضور الرمزي على الأقل.

ولسنا ننكر أن "البطل" الجزائري حقّق كثيرا من النجاح غداة الاستقلال وإلى غاية التسعينيات كما سبق وذكرنا، فالتاريخ الجزائري يوفّر المادّة التي تمكن الأديب والفنان من استدعاء الأشكال البطولية وتحويلها إلى صور نمطية، ويمكن أن نضرب مثلا على ذلك بفيلم "الأفيون والعصا"· الذي تمكّن من تحويل تلك الصّرخة الشهيرة (علي موت واقف) إلى ثابت في الذاكرة، مثلما فعل مع لقطات كثيرة تحولت إلى مقولات اجتماعية، وهناك أمثلة أخرى مثل مُنتَج أحمد راشدي كان لها أثرها الواضح في المعاملات اليومية للجزائريين، ولكن، ينبغي أن نلاحظ ـ في المقابل ـ أن رواية مولود معمري التي استخلص منها فيلم راشدي، لم تلق ـ في الأوساط الجزائرية ـ نفس الرّواج، وكذلك الحال مع كل الأعمال الأدبية الكبيرة التي تحوّلت إلى أفلام.

واضح إذن أن سؤال الاستراتيجية الجزائرية الخاصة بـ"صناعة البطل" ينبغي أن يتعمّق أكثر، ولا يكتفي بأروقة العرض والاحتفاليات الضيّقة التي لم تعد تؤدي وظيفتها، بل يمتد إلى طبيعة التلقّي في المجتمع الجزائري، فـ"الرواية"، أو الأعمال القصصية، بما هي أشكال أدبية حديثة بالنسبة للأدب العربي عامة، والأدب الجزائري خاصة[41]، لا يمكن أن تكون بمفردها ضمن الاستراتيجية العامة، فالكتابة، كما هي في عالم اليوم، وكما ينبغي لها في الواقع الجزائري، تحتاج إلى مرافقة كل وسائل الإعلام، مثلما تحتاج إلى دعم "بلاغة الأشياء" ضمن رؤية موسعة تستخدم كل الوسائل المتاحة لترسيخ القيم والثوابت الوطنية، وتحقيق الصور النمطية التي تلبي حاجيات المجتمع الجزائري في الاحتفاظ بخصوصيته، والانفتاح على العالم من خلال الإسهام في بناء منظومة القيم الانسانية.

وفي مستوى آخر، ينبغي النظر في جدلية "التاريخي ـ الأسطوري"، فقد تكون هذه الجدلية مما يشكّل عقبة كأداء أمام محاولات الكتابة الفنية للتاريخ مع ما تفرضه هذه الكتابة من ضرورات التّحفظ فيما يخصّ التوثيق التّاريخي؛ فالمفترض هو أن التوثيق لا يمثل أيّ مانع أمام الإبداع الخلاّق، وما تقتضيه أساليب الأدب لاصطناع مادة التّشويق في الكتابة للأطفال، كما لا يمثل أي مانع للاحتفاظ بالتاريخ الكرونولوجي/الواقعي بعيدا عن التأويلات المغرضة والتوجيهات التي لا تخدم مصالح الأمة.

وإذا كانت ميكانيزمات صناعة البطل، مثل السيناريو النموذجي الذي استغلته الملاحم العربية القديمة (الملك سيف التيجان، الأميرة ذات الهمّة، سيف بن ذي يزن..)، فإن الاشتغال على الميكانيزمات الأخرى (الرمزية/ أنسنة القدرات/الشّهادة) يقتضي جهودا خاصة تنطلق من "القضية الجوهرية" التي يتحمّلها البطل ليجعل منها نماذج سلوكية يتبناها المجتمع، ويكون منطق "التضحية"، بما هو مبدأ شرعنة القيم التي يستشهد البطل لأجلها أوّلا، وبما هو العامل المنتج للجماعة الاجتماعية المستفيدة من هذه التضحية في المستوى الثاني، المفعّل الحقيقي للبطولة؛ فإذا تمكن الأديب من تطويع هذه الميكانيزمات ضمن قالب فني بكل ما يقتضيه من تحويل درامي داخل قراءات هويّاتيه للتاريخ والقيم معا، فإنه سيتمكن حتما من تحقيق خصوصية الأمة في مقابل الآفاق الأخرى للانتماء، فـ«الأمة تحتاج إلى الظهور كسلطة عليا لها تأسيسها السّياسي وواجباتها المدنية، مثلما تحتاج إلى الوجود كمجموعة اجتماعية تستدعي الانتماء منطقيا إلى السّابقين من مؤسسي جنسيتها أو مواطنِيَتها المحددة في تشريعاتها»[42].

بقي القول إن القاعدة الذهبية التي لا ينبغي أن تغيب عن ذهن أي كاتب للأطفال، هي وصية فيلدراك المتعلقة بضرورة التخلي عن الاستعلائية/الأبوية في الخطاب، فالنزعة التعليمية لا تغني شيئا أمام الصّورة الفنية المتألقة.


المراجع والمصادر

     بالعربية:

  1. إبراهيم، عبد الله؛ موسوعة السرد العربي؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ طبعة جديدة وموسعة، 2008.
  2. إبراهيم، وفاء؛ الوعي الجمالي عند الطفل؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ 1997.
  3. تليلاني، حسن؛ الحداد الثائر: لوحات من سيرة البطل الشهيد زيغود يوسف؛ دار الروح للكتاب؛ الطبعة الثالثة؛ 2012.
  4. شيللر، هربيرت أ، المتلاعبون بالعقول، ترجمة: عبد السلام رضوان، سلسلة عالم المعرفة، العدد 106.
  5. عبد الفتاح، اسماعيل؛ أدب الأطفال في العالم المعاصر؛ الدار العربية للكتاب؛ بدون طبعة ولا تاريخ.
  6. كامبل، جوزيف، البطل بألف وجه، ترجمة: حسن صقر، دار الكلمة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2003.
  7. الكعبي، ضياء؛ السرد العربي القديم: الأنساق الثقافية وإشكاليات التأويل، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 2005.
  8. الهيتي، هادي نعمان؛ أدب الأطفال: فلسفته، فنونه، وسائطه؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ بدون تاريخ ولا طبعة.
  9. هيغل، جورج فيلهلم فريدريش؛ أصول فلسفة الحق؛ ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مكتبة مدبولي؛ بدون طبعة؛ 1996.

En Français

  1. -Bakhtine, Mikhaïl Mikhaïlovitch; Esthétique et théorie du roman; Gallimard; 1978.
  2. Centlivres, Pierre; Fabre, Daniel; Zonabend, Françoise; La Fabrique des Héros; Édilions de la Maison des sciences de l'homme. Paris. 1998.
  3. Cuénin-Lieber, Mariette; Corneille et le monologue: une interrogation sur les héros; Gunter Narr Verlag Tübingen; 2002.
  4. Kesteloot, Lilyan et Dieng, Bassirou; Les Épopée d'Afrique Noire; Éditions Karthala et UNESCO; 2009.
  5. Madelénat, Daniel; L'Épopée; Presses Universitaires de France; 1er édition; Avril: 1986.
  6. Mahiou, Ahmed; Henry, Jean-Robert; Où va l’Algérie?; Karthala-IREMAM; 2001.
  7. Revues
  8. Enfance. Tome 6 n°5, 1953.
  9. Communications,N 24, 1976.
  10. Revue Africaine; Volume: 83; Année:1939.
  11. Revues Numériques
  12. Strenæ [Online], 4 | 2012, Mis online le 18 novembre 2012, consulté le 26 septembre 2015.

رسائل جامعية

  • - خواني، زهراء؛ أدب الأطفال في الجزائر: دراسة لأشكاله وأنماطه بين الفصحى والعامية (1990-2004)؛ أطروحة دكتوراه بإشراف د.محمد مرتاض، جامعة أبو بكر بلقايد ـ تلمسان؛ 2008.

    الهوامش

[1] -   Desparmet, Joseph; Les Chansons de Gestes de 1830 a 1914 dans la Metidja; In Revue Africaine;  Volume: 83; Année:1939, pp 191 – 226.

[2] - cf, Albert, Jean-Pierre;  Du martyr à la star: Les métamorphoses des héros nationaux, In: La Fabrique des Héros; Sous la direction de Pierre Centlivres, Daniel Fabre, Françoise Zonabend; Édilions de la Maison des sciences de l'homme. Paris. 1998; P 16.

[3] - كامبل، جوزيف، البطل بألف وجه، ترجمة: حسن صقر، دار الكلمة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2003، ص 31.

  • - قلنا: ليس يخفى أن معالجة مفهوم "البطل" قد تختلط بين مستويين اثنين، أولّهما المستوى الواقعي/التاريخي الذي يصطنع الأبطال وفق الظروف العامة المحيطة بالأمّة (Héros)، والثّاني هو مستوى التمثيل الأدبي الذي قد يميل إلى مفهوم "الشخصية المحورية" في العمل الفني (Protagoniste)، لذلك سنستعمل الاصطلاح بما هو مكرّس في الدراسات النقدية.

[4] - Bryan, Dominic; En souvenir de Guillaume: les parades orangistes en Irlande du Nord; In: La Fabrique des Héros; Ibid; P 34.

[5] - cf: Eco, Umberto; Le mythe de Superman; In Communications,N 24, 1976. P 24.

[6] - Cf: Albert, Jean-Pierre;  op-cit: P 17.

[7] - Albert, Jean-Pierre; Op-cit; P 20.

[8] - Cf; Op-cit; P 16.

[9] ـ هيغل، جورج فيلهلم فريدريش؛ أصول فلسفة الحق؛ ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مكتبة مدبولي؛ بدون طبعة؛ 1996؛ ص 602 و603.

[10] ـ هيغل، نفسه، ص 603.

[11] - Marienstras, Élise; L'ennemi vaincu: Figure du héros national américain; In: La Fabrique des Héros; Ibid; P 66.

[12] - ينظر: إبراهيم، عبد الله؛ موسوعة السرد العربي؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ طبعة جديدة وموسعة، 2008، ص 398.

[13] - Voisenat, Claudie; La Fabrique des Héros; Op-cit; P XI.

[14] - ينظر: شيللر، هربيرت أ، المتلاعبون بالعقول، ترجمة: عبد السلام رضوان، سلسلة عالم المعرفة، العدد 106، ص 96.

[15] - Cf: Voisenat, Claudie; Op-cit; P 29.

[16] -Cf:  Albert, Jean-Pierre; Op-cit; P 15.

[17] - Benghabrit-Remaoun, Nouria; École et religion; In Où va l’Algérie?; Sous la Direction de: Ahmed Mahiou et  Jean-Robert Henry; Karthala-IREMAM; 2001; P 299.

[18] - Brougère ,Gilles; La culture matérielle enfantine entre le cute et le cool, Strenæ [Online], 4 | 2012, Mis online le 18 novembre 2012, consulté le 26 septembre 2015. URL: http://strenae.revues.org/776 ; DOI : 10.4000/strenae.776

[19] - الهيتي، هادي نعمان؛ أدب الأطفال: فلسفته، فنونه، وساطه؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ بدون تاريخ ولا طبعة، ص 05.

[20] - ينظر: عبد الفتاح، اسماعيل؛ أدب الأطفال في العالم المعاصر؛ الدار العربية للكتاب؛ بدون طبعة ولا تاريخ، ص 12.

[21]  - خواني، زهراء؛ أدب الأطفال في الجزائر: دراسة لأشكاله وأنماطه بين الفصحى والعامية (1990-2004)؛ أطروحة دكتوراه بإشراف د.محمد مرتاض، جامعة أبو بكر بلقايد ـ تلمسان؛ 2008، ص أ.

[22] - Vildrac, Charles; Littérature enfantine; In: Enfance. Tome 6 n°5, 1953; P 388.

[23] - Ibid; P 387.

[24] - إبراهيم، وفاء؛ الوعي الجمالي عند الطفل؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ 1997، ص 16.

[25] - Cf: Vildrac, Charles; Op-cit; P 387.

[26] - تليلاني، حسن؛ الحداد الثائر: لوحات من سيرة البطل الشهيد زيغود يوسف؛ دار الروح للكتاب؛ الطبعة الثالثة؛ 2012، ص 05.

[27] - تليلاني، حسن،سبق ذكره، ص 11.

[28] - cf: Bakhtine, Mikhaïl Mikhaïlovitch; Esthétique et théorie du roman; Gallimard; 1978; P 451.

[29] - تليلاني، حسن؛ سبق ذكره؛ ص 15.

[30] - نفسه؛ ص 42.

[31] - نفسه؛ ص 56 و57.

[32] - Cf: Kesteloot, Lilyan et Dieng, Bassirou; Les Épopée d'Afrique Noire; Éditions Karthala et UNESCO; 2009; P 73 et 74.

[33] - يقول باختين: «النبوءة خاصة بالملحمة والتنبؤ خاص بالرواية، والنبوءة الملحمية تتحقق كاملة في حدود الماضي المطلق ولا تتعلق أبدا بالقارئ في زمانه الواقعي» ينظر ميخائيل باختين، سبق ذكره، ص 465.

[34] - تليلاني، حسن، سبق ذكره، ص 08.

[35] - Cf: Madelénat, Daniel; L'Épopée; Presses Universitaires de France; 1er édition; Avril: 1986. P 38.

[36] - تليلاني، حسن، سبق ذكره، ص 37.

  • - روت ضياء الكعبي أن أحد المعجبين بشخصيّة عنترة ابن شدّاد تضايق لما توقّف الراوي عن سرد القصة عندما وقع عنترة في أسر الفرس، فتشاجر ذلك المعجب مع كل من صادفهم، وخاصم زوجته، ولم ينم، ولم يستطع التّغلب على حزنه وضيقه إلا بالمضيّ إلى الرّاوي، وإيقاظه من نومه، وإغرائه بالمال كي يخرج عنترة من السّجن، فأخذ الرّاوي الكتاب وقرأ له سائر السّياق، إلى أن تخلّص عنترة من الأسر، فقال له: أقرّ الله عينك وأراح بالك، الآن طابت نفسي وزالت همومي، فخذ هذه الدراهم ولك الفضل. ينظر: الكعبي، ضياء؛ السرد العربي القديم: الأنساق الثقافية وإشكاليات التأويل، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 2005، ص 335.

[37] - تليلاني، حسن؛ نفسه؛ ص 39.

[38] - Cf: Marienstras, Élise; Op-Cit; P 67.

[39] - نضرب مثلا هنا بالرواق الافتراضي المخصص للأبطال بموقع المكتبة الوطنية الفرنسية (BNF)، ويحمل عنوان: «الأبطال، من أخيل إلى زيدان» وقد برمجت المكتبة زيارات للأطفال والكبار على حد سواء، ويمكن الاطلاع على "الرواق" عبر العنوان: http://classes.bnf.fr/heros

[40] - Cf: Marienstras, Élise; Op-Cit; P 65.

  • - إنتاج الديوان الوطني للتجارة والصناعة السينماتوغرافية، وإخراج أحمد راشدي، عام 1969، مقتبس عن رواية مولود معمري.

[41] - يتفق كثير من النقاد على أن "ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة هي أول رواية جزائرية، وتعود إلى سنة 1970.

[42] - Cf:  Albert, Jean-Pierre; Op-cit; P 31.


المقال منشور بمجلة "جسور المعرفة" https://www.asjp.cerist.dz/en/article/31623