القراءة وحب الاطلاع.. أسلوب يثري حياة الإنسان

تعود مجالسة الكتب وحب القراءة على الإنسان بنتائج إيجابية، حيث تطبع على التفكير تغييرا للأفضل، وتجعل العقل متقنا لتفسير وتحليل الأمور، وواعيا بمستحدثاتها المستقبلية، كما أنها تمنحه رجاحة وعمق في الأفكار.. أيضا تقوي من طبائع القارئ وتجعله أكثر خبرة بكونه اطلع على الكثير من التجارب عبر القراءة، وتبدل صفاته السيئة، بالإضافة إلى قدرتها على فتح مجالات فكرية جديدة لدى القارئ، وتجعله مسؤولا بصورة كاملة عن إدارة ذاته وحياته ومشاكله، ولكن يجب في بادئ الأمر الالتزام بعدة نصائح وممارسات يومية لكي ينتهج الإنسان القراءة، أبرزها القراءة في المجالات المحببة للإنسان، لا سيما إذا كان لا يحب القراءة أو يشعر بالملل نحوها سريعا، كما يجب عليه قراءة الأفكار التي يجدها مثيرة وتحمل أحداثا شيقة، هذا بجانب اختيار الأوقات المحببة لممارسة القراءة، حتى يستمتع بما يتلقاه من كلمات وجمل وأحداث بتركيز وإجادة لغوية عالية.

 

صورة من الأرشيف
صورة من الأرشيف
ويقول د. أمجد خيري، استشاري الطب النفسي والعلوم السلوكية: من أهم الممارسات اليومية والنصائح التي تدفع الإنسان للقراءة بصورة يومية، رغبته في تطوير ذاته والخروج من بوتقته الفكرية، لدائرة أوسع وأعمق منها، حيث تؤهله استمراريته في القراءة إلى استجماع الأفكار المفيدة، الأمر الذي يحفز الإنسان على القدوم إلى القراءة والاستفادة منها على نحو فكري ونفسي للوصول إلى هذه النتيجة، كما أنه يجب اختيار الوقت المناسب للقراءة حتى لا ينقطع سرد الأحداث لممارسته أمر ما أو انشغاله بقضاء شيء ما، كذلك لابد للإنسان أن يختار طبيعة الموضوعات التي تناسب تفكيره وتسير وفق هواه الداخلي، بمعنى أن يكون محبا للموضوعات التي يختارها لقراءتها، حتى يستطيع استكمال ما بدأه، والاستفاده منه بشكل كامل عبر دروس يتخذها القارئ من قراءته يقوم بتطبيقها على واقعه الحياتي، تغير طبيعة حياته دائما للأفضل، لأن القراءة دائما ما تحمل خلاصة خبرات الآخرين التي تصلح ما أفسده القارئ بحياته.

بينما يؤكد د. محمود إسماعيل، أستاذ التربية والسلوك النفسي بجامعة سوهاج، من أهم الممارسات والنصائح التي يمكن أن تقدم للإنسان حتى يرغب في القراءة يوميا، البدء بقراءة ملخص موضوع الكتاب أو الرواية، حتى يستطيع الإنسان الإلمام بالفكرة العامة، مما يساعده على خوض التجربة باشتياق للنتائج، كما ينصح بالاطلاع على الصور المرفقة بالموضوع، لأنها تشرح كثيرا من الأحداث الخاصة بفكرة الكتاب أو الرواية، ويجب بعد ذلك تحديد النقاط الهامة التي جذبت أنظار القارئ للخروج بعدة دروس يمكنه ترجمتها واقعيا في حياته، كما أنها تساعده أيضا على الخروج بملخص عام ومفيد للكتاب.

ويوضح إسماعيل أن قراءة المواضيع والأفكار المثيرة تشجع الإنسان على القراءة والقارئ على التواصل، لذلك لابد من الاختيار قبل البدء، حيث أنه عامل هام في نجاح تجربة القراءة، لا سيما لمن يريد أن ينتهجها بصورة يومية ويقبع بعض الوقت للاطلاع، وكذلك يجب أن يتحدث الإنسان عما قرأه مع الأصدقاء أو أفراد عائلته، حتى يستطيع العقل تخزين المعلومة، وبالتالي يتمكن القارئ من استرجاعها في الوقت التي يريدها فيه، لا سيما إذا كان التحدث هذا مع شخص يهتم بالقراءة ويحب المجال الذي قرأت به، حيث يشعر الإنسان أثناء الحديث باستمتاع ورغبة في مواصلة مسيرة القراءة.

وعن النصائح الأخرى التي تجعل القراءة منهجا يوميا لدى الإنسان، يشير د. أحمد عسكر، أستاذ علم النفس بجامعة أسيوط، إلى ضرورة التركيز أثناء القراءة حتى يتمكن الإنسان من فهم ما يردده اللسان، وبهذه الطريقة تصل المعاني كما وضعها الكاتب إليه، ويدرك جيدا سرد الأحداث والهدف من طرح الفكرة عبر كتاب أو رواية، وينصح أيضا بالبدء دائما بقراءة الكتب النظرية وليست العملية، التي يحتوي مضمونها على معادلات ومسائل قد تأخذ وقتا من القارئ وتستنفذ طاقته الفكرية، كما يجب عليه في نهاية كل كتاب أن يقوم بتلخيص ما توصل إليه العقل من أفكار جديدة استوحاها العقل من خلال القراءة، ويبدأ في طرحها على هيئة سطور قليلة، ثم تجميعها وقراءتها ثانية، ومن ثم يكون قد اطلع على بدايات الكتابة وكيفية طرح الأفكار، وبهذه الوسيلة يقترب القارئ من الكاتب، ولا مانع مع مرور الوقت في أن يصبح مثله، شريطة القيام بذلك دبر كل مرحلة قرائية معينة.

وينوه عسكر إلى ضرورة تحديد الهدف من القراءة، وعليه يحدد الإنسان كم من الوقت يمكن استغراقه في القراءة، وهل يمكنه القراءة يوميا أم بصورة متقطعة؟ ولكن يفضل الحفاظ على القراءة وجعلها عادة يومية، سواء كان الهدف يستحق أو لا، حيث أن تأثيرها على العقل أكبر وأعمق مما يتخيل الإنسان، الذي يتجاهل القراءة والاطلاع، فهي تكسبه رجاحة وعلما وفيرا وخبرات متعددة في مجالات مختلفة، ومن ثم تعينه على إدارة ذاته وحياته دون الاستعانة بالآخرين، كما أنها تقوي من شخصيته وتجعله قادرا على تحمل المسؤولية مهما كانت ثقيلة ومرهقة، بالإضافة إلى قدرة القراءة في القضاء على أوقات الفراغ، التي عادة تكون سببا رئيسيا في سوء حالة الإنسان النفسية والسلوكية، وتعرضه للتوتر والاكتئاب.

الوكالات